وفيلم (العودة
إلى الوطن
COMING HOME) إنتاج عام 1977، عن هذه الحرب التي امتد تأثيرها إلى ملايين الأسر
الأمريكية، وظلت تحرك الشارع الأمريكي لفترة طويلة. ولا يمكن لأحد
أن ينكر على السينما دورها الكبير الذي لعبته في هذه الحرب، بل
أنها حاربت في فيتنام تماماً كما حارب الجنود. ولأن هذه الحرب
استمرت ما يقارب العشر سنوات، فقد كان رصيد الأفلام السينمائية
التي تناولت هذه الحرب كبيراً ومتنوعاً. فكانت هناك أفلام صنعها
مؤيدو
الشعب الفيتنامي، وأفلام صنعها أعداء فيتنام في أمريكا والغرب،
إضافة إلى الأفلام
التي صنعها الثوار الفيتناميين أنفسهم. وحتى بعد نهاية الحرب، كانت
هناك الأفلام
الأمريكية التي تنتهج أسلوب النقد للحكومة الأمريكية، وتحكي عن
تورطها في هذه الحرب التي تركت آثاراً جسدية ونفسية على من شارك
فيها ومن عاصرها. لقد كانت حرب
فيتنام هي ضمير أمريكا السيئ، لذلك سيظل انعكاسها على الأدب
والفن يطل علينا من
حين إلى آخر.
إن فيلم (العودة إلى الوطن) يعلن صراحة بأنه ضد هذه الحرب،
متناولاً ما خلفته من شروخ وانهيارات عند الفرد داخل المجتمع
الأمريكي، ومتعمداً
أن لا يقدم مشاهد للمعارك الحربية داخل فيتنام. والفيلم ككيان
درامي يقوم على ذلك
الثالوث التقليدي للأفلام الميلودرامية (الزوج + الزوجة + العشيق)،
لكنه يقدم هذا
الثالوث على أرض ملتهبة بالأحداث، فيغير من بناء وانفعالات
الشخصيات، ليعطي
مضامين وأفكار جديدة.
فالعشيق هو من خاض تلك الحرب، فتركت بصماتها على جسده وعقله فانطلق
يحذر منها. والزوج هو المخدوع بالحرب وإعلامها، الذي يقوده إلى
مصير
مؤلم هو الانتحار. أما الزوجة فهي الشاهدة على هذه المأساة
التي أحرقت كل شيء.
تتحدث بطلة الفيلم "جين
فوندا"، التي شاركت في الإنتاج وتدخلت في ضياغة فكرته وجمعت مادته
من خلال لقاءاتها مع الجنود العائدين من الحرب ، فتقول: (...لقد
إتخذت قراري بالمشاركة في هذا الفيلم عندما شعرت أنه من خلال دوري
يمكنني أن أقول الحقيقة التي يجب أن تقال...).
أما مخرج الفيلم فقد
إستطاع ، بعد أربعة شهور تصوير وثمانية شهور إعداد للعرض، أن يقدم
فيلماً إنسانياً قوياً ومؤثراً ، يحوي نسيجاً درامياً موحياً لفترة
أواخر الستينات ، ويحمل تلك الخلفية الكئيبة لحرب فيتنام . يقول
المخرج "هال أشبي": (...نحن نوجه برسالة الى المجتمع العالمي ،
وبالذات هذا الجيل الجديد من الشباب الذي يعرف فقط بأنه كان هناك
حرب شنتها أمريكا ضد فيتنام .. حرب إنتهت بالعار والهزيمة للجيش
الأمريكي ، ولكنه لا يعرف كيف أثرت هذه الحرب على مصائر الأسر
والمجتمع الأمريكي ككل...).