زياد الخزاعي

 
سيرة كتابة
 
 
 

كتابة

مهرجان كان السينمائي الدولي الـ78

Thierry Fremauxs’ wonders

كان الـ78...أبو العَجَب تييري فريمو!

بقلم: زياد الخزاعي/ خاص بـ"سينماتك"

 
 

الجرأة في كُلّ شيء، عقيدة مهرجان كانّ السينمائيّ التي يحوّلها "قيصر كانّ" ومندوبه العام تييري فريمو وفرّيقه الى أعاجيب تشحذ هممم، وتثير حسد، وفي كثير من الأحيان تحقق هدف التشوّف والتكبّر. هناك فرق خفّية تفكّر بما هو خاطف وغير مسبوق، وأخرى تخطط إستراتيجيّات تصعق السوق والمنافسين على حدّ سواء، وثالثة تضع سيولة التنظيم مهمّة قصوى، وتحمل عناداً في إظهار بأس عسكريّ وأمني لا يُهادن، فأيّ خلل يحول الكروازيت وأزقته ومقاصفه ومقاهيه وفنادقه الى ساحة فوضى تتضخم بعجالة غريبة، نظراً الى صغر المساحات وكثرة الناس وقلّة مناوراتهم.

للأولى، وهي الأكثر تعاطياً مع حرفيّة أبداعيّة عابرة للحدود، وتقع في قلب المهرجان والشركات اللامعة التي تكتسح وتستأجر مواقعها بحرص داخل قصر السينما وأروقته في تنافس سوريالي على اختراع الحداثات، يأتي التصميم الباهر الثنائيّ الطبعة لملصقي الدّورة الـ78 (13 ـ 24 مايو 2025)، واللذين يُظهران ـ كُلّ منهما بشكل منفصل ـ زاوية مختلفة من تلك اللّقطة الأيقونية في الشريط الإشكالي للفرنسي كلود لولوش "رجل وامرأة" (جائزة أوسكار، 1966) التي صوّرها ونفذها بنفسه، لبطليه الأرملين آن غوتييه (أنوك إيميه) وجان كلود دوروك (جان لوي ترينتينيان) وهما يتعانقان بجذل وعشق لا متناه، وكأنهما يرقصان الى الأبد تحت قدر لن يتمكّن من إخماد جذوة هيام جارف، بدأ مع مصادفة رومانسيّة عند محطة قطار فاتهما ميعاده. صدفة لن تموت ولن تتكرَّر.

*****

تصميم غرافيكي ثوري خاطف  واستعادي (نشير الى أن خانة "أسبوعا المخرجين"(استبدلت الى السينمائيين) كلفت صاحب فيلم "غومو"المخرج الأميركي المستقل هارموني كورين رسم ملصق دورة هذا العام)، مبنيّ على أسس "نهج يجمع بين ثراء بصريّ ودقّة مفاهيميَّة وطباعيَّة"، حسب وصف ليونيل أفينيون وستيفان دي فيفيز المشرفين على عمليات أستوديو الإبداع البصري الشهير "هارتلاند فيلا". يحمل الملصقان المختلفان بكُلّ المعايير التسويقيَّة، والمُبادهان في روح ثنائيّتهما، وجهي أشهر نجمين في السينما الفرنسيّة المعاصرة، مرسومان بلون خريفيّ حالم وحميمي. تقول نّبذة أوردها المهرجان على موقعه الألكتروني ـ وهي قطعة أدبية لافتة ـ حول مبادرة فريمو ما يلي: "رجل. أمرأة. شاطيء مهجور. سماء مضطربة. موسيقى آسرة. فكرة عمرها ثلاثة أشهر. تصوير استمر ثلاثة أسابيع. مشهد سينمائي مدَّته عشرون ثانية. الخلود لا يدوم إلّا لحظة في النهاية".

تستمر النّبذة: "كان ذلك قبل ستين عاماً. في العام 1965، التقى شخصان محطمان، جسّدهما إيميه (جائزة أفضل ممثلة في "كانّ" عن "قفزة في الظلام" للإيطالي ماركو بليوكيو، 1980)، وترينتينيان (أفضل ممثل في "كانّ" عن "زد" للفرنسي الأغريقي كوستا غافراس، 1969)، وسحرا بعضهما البعض، وقاوما، ثم دارا أخيراً تحت كاميرا كلود لولوش المتوهجة. السعفة الذهبية في "كانّ" عام 1966، وجائزتا "الأوسكار" في هوليوود عام 1967، وعشرات الجوائز حول العالم، كُلّها تتواضع مقارنة بهذه اللحظة العظيمة من الرّقة والبساطة. أنَّه بلا شك أشهر عناق في الفن السابع. رجل وامرأة يحبان بعضهما البعض، ولأنَّك لا تستطيع فصل ذلك الرجل عن تلك المرأة، اختار مهرجان كان السينمائي لأوّل مرَّة في تاريخه تقديم ملصق رسمي مزدوج الطباعة. رجل وامرأة. جنباً إلى جنب. معاً من جديد". نقرأ في ختام النبذة الآتي: "في الأوقات التي تبدو وكأنّها تريد (تعميم) الفصل أو التّقسيم أو الخضوع، يسعى مهرجان كان السينمائيّ الى (إعادة) لمّ الشمل، وتقريب الأجساد والقلوب والأرواح من بعضها البعض، وتشجيع الحرّيَّة وتصوير الحركة من أجل إدامتها، وتجسيد دوامة الحياة والاحتفال بها مراراً وتّكراراً".

*****

كأن هذا التّكرار، يقود فريمو وفرّيقه الديناميكي الى تحقيق إنجاز تاريخيّ أخر مع الإعلان عن مغامرة (أعجوبة) أخرى غير مسبوقة في تاريخ الكروازيت، هي تخصيص العرض الافتتاحي المرموق وخارج المسابقة الرسمية، الى باكورة روائية انجزتها مخرجة شابة فرنسية، سبق لها أن حقّقت شهرة معتبرة في مجال الفيديو الموسيقي، ونالت جائزة سيزار (الأوسكار الفرنسي) عن فيلمها الكوميدي القصير "الرحيل يوماً" (2021)، المحتفي بالحب واجتماع مهجة كائنين عابرين. هذه المرّة، طورت أميلي بونان (بمشاركة ديمتري لوكاس) نصّها الأصلي، محافظة على عنوانه وشخصياته واجواء نهجه الفكاهي وبنيَّته الموسيقيّة التي تتداخل فواصلها مع حوارات الشخصيات، مضيفة لقائمتها مختارات انتقائيّة من ألحان وأغنيات كلاسيكية ومعاصرة، في مسعى فطن الى تعزيز الميلودراما وروحها وعاطفيتها المؤثرة لحكاية  طاهية باريسيّة على وشك افتتاح مطعمها الخاص بالمأكولات الفاخرة في قلب باريس، لكن خطط الشابة سيسيل (المغنية الذّائعة الصيت جولييت أرمانيه) تنقلب رأساً على عقب بسبب مكالمة هاتفيّة غير متوقعة، تخبرها بإصابة والدها بنوبة قلبيّة خطيرة. يجبرها الوضع المتأزّم على تأجيل أحلامها والعودة الى قريتها ومسقط رأسها (صُوّر الفيلم في منطقة غراند إيست الخلّابة). بعيداً عن صخب عاصمة النور، تجد الشابة نفسها في مواجهة ماضيها حيث تلتقي ـ بمصادفة قدرية ـ مع حبيب طفولتها رافائيل (المؤلف الموسيقي الموهوب باستيان بويون الذي صاغ موسيقى كل من "ليلة الـ12" (2022) لدومنيك مول، و"الكونت مونتي كريستو" (2024) لمواطنيه الكسندر دولاباتلاييه وماثيو ديلابورت)، فتُعيد إحياء ذكريات مدفونة تُزعزع كل يقينياتها بشأن حياة ظنت أنها تريدها. بين حلمها بأنْ تصبح طاهية والرَّوابط التي تعيد اكتشافها، يتعين على سيسيل الاختيار بين ما اعتقدت أنّه مستقبلها وما تعيد اكتشافه من ماضيه". الى ذلك، يشير بيان الشركة الموزعة للفيلم الذي سيعرض في الصالات الفرنسية تزامناَ مع تقديمه على شاشة قصر السينما في كانّ ليلة الـ13 مايو 2025. الى أنْ هذا "الفيلم المفعم بالتّفاؤل، والمُشبع بالثقافة الفرنسية والحنين إلى الماضي، يثير مواضيع عالميّة، بينما تتعلّم سيسيل التّصالح مع الماضي، لتتمكّن من المضي قدماً في حياتها". أما فريمو فأشار له خلال حديث صحافي قائلاً: "وأضاف: "إنه خيار نفخر به. أنّه فيلم مليء بالأغاني الفرنسية، وهو أول فيلم لمخرجته، وأعتقد أنّه سيُسعد الناس". مضيفاً أنّه "فيلم يتناول العلاقة بين باريس والمحافظات، وجذورنا، وما يُكوّننا، وخاصةً شبابنا وآبائنا".

نذكر إن جولييت أرمانية التي خطفت الساحة الأوروبية الموسيقية أخيراً بجولتها "أشعل النيران"، الحاصلة على شهادة البلاتين المزدوج، أظهرت مواهبها التمثيليَّة من خلال الجمع بين مشاريع متنوّعة بين السينما والتلفزيون، حيث شاركت في فيلم "روزالي" (2024) لمواطنتها ستيفاني دي جوستو، وستظهر لاحقا في شريط "الأطفال بخير"، المتوقع عرضه عام 2025، وأيضاً في فيلم "بيت النساء" (2026)، ولها نصيب أساسي في مسلسل "الصوم الكبير"، وهو عمل تاريخي حول أحوال أوروبا في عهد نابليون، وتجمع أحداثه بين فنّ الطّهي والتّجسس، حول طباخة شابَّة تدعى أنطونين كاريم، تعمل جاسوسة في الخفاء.

*****

 
 

من أعاجيب فريمو (1960) الأخرى، أنَّه رجل بصلاحيّات لا تضاهى. مسؤول يعي خطواته، ونادراً ما يخرج عن طوره. وللعلم، هو يدير مهرجانين كبيرين أحدهما عند كروازيت كانّ، والثاني أبعد قليلا في مدينة ليون حيث أسس فكرة، لا مثيل بفرادتها، مخصّصة برُمَّتها الى النصّ الكلاسيكيّ السينمائيّ العالميّ ورموزه ونجومه، متحصّناً بمعهد الأخوين لوميير ومرجعيتهما التاريخية في ولادة الفن الأكثر شعبية في العالم. أن نفوذه وكاريزما شخصيَّته يجعلان منه أقرب الى شخصيّة علي بابا الأسطورية، الحارس لمغارة دوليّة لا قرار لها، تضم مئات الأف من أسماء مخرجين وفنيين وكتاب وأقطاب صناعات وتوزيع وتداول وتخطيط سياسات وهيمنة وعابر للمساءلات الدينيّة أو الاعتباريّة.

حارس السّينما وحوّزاتها المترامية الأطراف. من هنا، يعي الجميع أيْ معدن صُبَّ منه هذا الفرنسي المتأنق من دون افتعال، الحركيّ من دون ادعاء أو ضجيج، ليكون عليهم القبول بما يقرّره بكياسة مبدعين، بسبب درايته المعلوماتية وإستقطابه الإداري المنظم الى حد لن يفلت من بين يديه أيْ نتاج فيلمي، يُصنع في أيْ بقعة في العالم، يستحقّ أن يُضمّ الى أمجاد كانّ. النّاظر الى قوائم خانات المهرجان وعناوين أفلامها وأسماء مخرّجيها، يفهم الى أيّ مدى هي سطوته في "التوزيع الخانوي". ليس من الوارد لديه الامتثال لأيّ كان. في دورة العام 2023، كان تصلبه مع المعلّم الإسبانيّ فيكتور إريثيه، الذي هدّد بسحب "وصيتّه" السينمائية "أغمض عينيك"، ما لم يتأكّد أنّها جُدوِلت ضمن المسابقة حديث الأوساط كافة، بيد أنَّ "القيصر" لم يتراجع أو يهادن أو يماري، وعُرض العمل المميَّز ضمن خانة "كانّ بروميير" كما هو مقرّر، رغم أن الشريط كان يستحق بالفعل ضمّه الى المسابقة.

*****

لم تخل الدّورة الـ78 من إشاراته عن "اللعبة الرائعة" في دعوة فلان من المخرجين، ، أو استقدام عنوان أرتأى أنّه لا يضيف شيئاً سوى البهرجة، مثلما حدث مع الفيلم الأخير من سلسلة "المهمّة المستحيلة: الحساب الأخير"، متيحاً الفرصة مجدّداً الى نجمه توم كروز استعراض قامته القصيرة على السجّادة الحمراء، في وقت يسعى جاهداً الى تخفيف قلق هوليوود من ظنون أنْ أفلامها ستُحرق إعلامياً ونقدياً حين تُعرض في قصر لوميير، أو أن يضع أسماء قامات في خانات ثانوية لها عناوين طنّانة، كما هو الحال مع الألمانيّ التركيّ الأصول فاتح أكين وجديده "أمروم" مع نجمته ديان كروغر، وهو اسم جزيرة منعزلة، تدور فوق أراضيها الزّراعية محن "الأسابيع الأخيرة من الحرب العالمية الثانية،  حيث يكشف صبي سرّ عائلته. يتحدى ناننينغ، البالغ من العمر اثني عشر عاماً، البحر الغادر لصيد الفقمات، ويذهب للصيد ليلاً، ويعمل في المزرعة القريبة لمساعدة والدته في إطعام أسرته. على الرغم من المشقة، تبدو الحياة على هذه الجزيرة الجميلة التي تعصف بها الرّياح وكأنَّها جنّة. لكن، عندما يحلّ السلام أخيراً، يُكشف عن تهديد أعمق: العدو أقرب بكثير ممّا كان يتخيّل". (بيان الشركة المنتجة). المعروف أنَّ أكين سحب فيلماً سابقاً من ترشيحات كانّ، حين علم باستبعاده من المسابقة!. رغم ذلك، كان سحر فريمو له بالمرصاد، فخضع لعرض جديده في قسم "عروض أولى"، الذي يستضيف أيضا أخر أفلام الفيليبيني لاف دياز "ماجلان" مع الممثل المكسيكي غايل غارسيا برنال في "دور البحار البرتغاليّ الشاب الطموح الذي قاد ثورة على سلطة الملك الذي لم يدعم حلمه بأكتشاف العالم. فأقنع التاج الإسباني بتمويل رحلته الجريئة إلى أراضي الشرق الأسطورية. كانت الرحلة مُرهقةً فاقت التوقّعات، حيث دفع الجوع والتمرّد الطاقم إلى أقصى طاقتهم. عند وصوله إلى جزر أرخبيل الملايو، تغير رأي ماجلان. أصبح مهووساً بالغزو والتحول، مما أشعل انتفاضات عنيفة خارجة عن سيطرته. هذه ليست أسطورة ماجلان، بل حقيقة رحلته". (شركة لوس بوكس)

صاحب "غلوريا" (2018) و "امرأة ساحرة" (2017)، والحائز على جائزة الأوسكار التشيلي سبستيان ليليو، ارتضى أنْ يعرض شريطه "الموجة" في الخانة ذاتها، رغم الضمانة التي لا يرتقى لها الشك في ضمه الى مهرجان فينيتسيا السينمائي وقائمة مسابقته المرموقة،  لكن للكروازيت قول أخر. فيلم موسيقي مستوحى من موجّة العصيان المدنيّ النسويّ التي اجتاحت تشيلي في ربيع عام 2018، والتي أطلق عليها اسم "مايو النسويَّة"، ووصفت بأنّها انقلاب حاسم  في الوعي الشعبيّ الجمعيّ في ما يخصّ حقوق المرأة.

*****

لا يملك المرء تفسيراً للكيفيّة التي أقنع بها فريمو صاحب "أفعل الشيء الصواب" (1989) المخرج الأميركيّ سبايك لي، بعد ترؤسه لجنة التحكيم قبل أعوام قليلة، في قبول عرض عمله الأخير "الأعلى والأدنى" خارج المسابقة، ولم تشفع كما يبدو بطولة الممثل دينزيل واشنطن بمكانة أرقى لهذه الأفلمة الزنجية المفاجئة لكلاسيكية الجهبذ الياباني أكيرا كوروساوا!. مثل واشنطن، لم يجد اسم مواطنته جودي فوستر ورنّة نجوميتها، وبرفقتها نخبة فرنسية مجيدة مثل فيرجيني إيفيرا وماتيو إلمريك وفنسان لوكوست ودانيال أوتول، مبرراً لإعلاء تكريم مشاركتهم في فيلم الفرنسيّة ريبيكا زلوتوفسكي "حياة خاصة"، المعروض خارج المسابقة أيضاً. تؤدي فوستر هنا دور طبيبة نفسيّة شهيرة تدعى ليليان ستاينر، تقرر التحقيق بنفسها في ملابسات وفاة أحد مرضاها، مقتنعة إنْ القضيّة هي تصفية متعمدة وجريمة قتل.

أخيراً، لا أحد سوى فريمو يقف في وجه الجميع، ويبرمج فيلماً من أنتاج منصّة أميركيّة، دون أنْ يستشير جهة أو جمعية أو نقابة محليّة (من دون أنّ نغفل بقاء المنصة الصينية "تك توك" ضمن الداعمين الأساسيين للمهرجان رغم أنف كارتلات هوليوود). الرجل نفسه حاول جاهداً لسنوات كي يُقنع "اتحاد العارضين الفرنسيّين"(أصحاب دور العرض في البلاد) كي يستثنوا "نتفليكس" وأفلامها للمشاركة في مهرجانه، التي يلتقطها بيسرغرماءه في ليدو فينيتسيا، لكن بلا فائدة. فرؤوس النّقابيين أكثر عناداً من رأس هذا الأنيق بأرستقراطيّة لافتة. يذكر الجميع، كيف علا صفير استهجان الاعلاميين عند بدء العرض الصّحافي الخاص لشريط الكوري الجنوبي بونغ جون هو "أوكجا" (2017)، حين ظهر شعار المنصّة بلونه الأحمر القاني وحرفه الأثير، معلنين عن غضبهم، ومساندتهم لزملاء أصرّوا ـ عن حق ـ على أرضاخ "الإمبرياليين الأيديولوجيين" الجدد في هوليوود على احترام الاتّفاق الحاسم الذي "لا يُسمح بعرض أيْ فيلم على منصّات البث إلا بعد 36 شهراً من عرضه في دور السينما الفرنسية".

لن نعرف ملابسات مغامرة (أعجوبة) فريمو وكيفيّة "تسريبه" جديد منصة "أبل أوريجنال فيلمز" الأميركية إنتاجاً وتوزيعاً "بونو: حكايات استسلام"، إخراج الأسترالي أندرو دومينيك ضمن العروض الخاصّة، إلّا إننا بالتأكيد سنشاهد المغني والناشط والمؤلف الإيرلندي الشهير بونو (اسمه الحقيقي بول ديفيد هيسن، 1960) وزملاءه في فرقة "يو تو"، يتهادون على درجات السّلالم الشهيرة لقصر السّينما، قبل أن يلتقيهم "القيصر" وبمعيَّته رئيسة المهرجان إريس كنوكلوب عند البوابات الزجاجية، ضمن تقليد كانوي صرف، يخضع له الجميع بلا إستثناء. شريط  دومينيك، كما تقول منصة "أبل" التي انخرطت بعزم في الإنتاج السينمائي، مستوحى من مذكرات الفنان الأكثر مبيعاً "الاستسلام: 40 أغنية، قصّة واحدة"، منفذ بتقنية 8كي مع تسجيل صوتي مكاني، تضمن للمرة الأولى تسجيلاً فيديوياً شديد الدقة والنّقاوة البصريَّة بزاوية 180 درجة. يسرد بونو مسيرته المجيدة منذ ولادة في دبلن، وتأسيسه الفرقة والنجاحات المذهلة التي جعلت منها واحدة من أيقونات الموسيقى العالميّة. تقول المنصة: " يعيد هذا الفيلم الوثائقيّ الطويل تصوّر عرض بونو المسرحيّ الفرديّ، الذي نال استحسان النقاد، "قصص الاستسلام: أمسية من الكلمات والموسيقى وبعض الأذى..."، حيث يغوص في أعماق حياة مميّزة، ويتعرّف على عائلته وأصدقائه وإيمانه الذي شكّل تحدياً ودعماً له. يكشف بونو، خلال العرض، عن قصص شخصيّة عن رحلته كابن وأب وزوج وناشط ونجم روك. يتضمّن العرض لقطات لم تُعرض من قبل من حفلات بونو في مسرح بيكون، حيث يؤدي العديد من أغاني فرقته الشهيرة التي شكّلت حياته وإرثه".

*****

يذهب رؤساء "كانّ" ومديروه الى هدوء تقاعدهم (مثل جيل جاكوب)، أو صمت قبورهم (مثل جان كوكتو)... لكن الجليّ أنَّ تييري فريمو سيبقى حيويّاً حين يستقبل ضيوفه، غامراً أياهم بضحكته الطفوليّة، ونطاطاً بين صالات كانّ حين يقدم خياراته المتضاربة المستوى والأهميّة، ومستمتعاً مع فريقه، الى أقصى حدود الامتنان، بالمُكْنَة التي أمدتهم بها ضميرعصرنا المضطرب وروحه.... السينما!.

سينماتك في ـ  18 مايو 2025

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004