كان السينمائي ينطلق متأثرا بقضايا سياسية واجتماعية عالمية
الدورة الحالية تشهد حضورا كبيرا لنخبة الوسط السينمائي
العالمي.
كان (فرنسا)
- تتابع
الأوساط الفنية والثقافية منذ الثلاثاء 12 مايو وحتى 24 مايو الجاري
فعاليات الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الذي ينعقد هذا
العام متأثرا بترددات الأحداث التي تزعزع العالم راهنا، وفي مقدّمتها حربا
غزة وأوكرانيا، إلى جانب الانقلاب الكبير في صناعة السينما جرّاء تنامي دور
الذكاء الاصطناعي.
كما تُلقي سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بظلها على
هذه الدورة، إذ يُتوقع أن تحضر المخاوف التي أثارها الرئيس الأميركي في
أوساط الفن السابع، بتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة مئة في المئة على
الأفلام الأجنبية.
وتحضر حرب غزة بقوة من خلال عدد من الأفلام التي تتناولها،
من بينها وثائقي قُتِلت بطلته، وهي مصورة من غزّة، بقصف صاروخي إسرائيلي في
منتصف أبريل الماضي.
وسيكون عرض الفيلم الوثائقي الطويل “ضع روحك على كفك وامشِ”
أحد أبرز أحداث المهرجان الذي يتوقع أن تُثار فيه مجددا نقاشات حول الحرب
بين إسرائيل وحماس. فهذا الوثائقي للمخرجة الإيرانية سبيده فارسي يتمحور
حول فاطمة حسونة البالغة 25 عاما، ابنة غزة التي كانت تصوّر حياتها اليومية
أثناء الحرب.
وفي 15 أبريل، علمت الشابة أن الفيلم أُدرج ضمن برنامج
المهرجان، ولكن في اليوم التالي، دمّر صاروخ منزلها بالكامل، ما أدى إلى
مقتلها مع عائلتها، ولم تنجُ سوى والدتها.
حرب غزة تحضر بقوة من خلال عدد من الأفلام من بينها وثائقي
"ضع روحك على كفك وامشِ" الذي قُتِلت بطلته
وسيكون عرض الفيلم ضمن فئة “أسيد”، وهي الأقل شهرة بين
الأقسام الموازية في المهرجان، “وسيلة لتكريم ذكرى الشابة التي وقعت ككثر
غيرها ضحية للحرب،” على ما أكد منظمو المهرجان، معربين عن “صدمتهم وحزنهم
العميق إزاء هذه المأساة التي هزت العالم أجمع.”
كما تعرض أفلام فلسطينية أخرى ضمن أٌقسام موازية، أحدهما
ضمن قسم “نظرة ما” بعنوان “كان يا ما كان في غزة”، للمخرجين الشقيقين طرزان
وعرب ناصر، اللذين يعيشان خارج القطاع منذ سنوات، لكنّ أعمالهما تتناوله.
وتشكّل مكافحة العنف الجنسي ووضع حدّ للتمييز والعنف
القائمين على النوع الاجتماعي مَحاور ستشغل المهرجان بعد ثماني سنوات من
موجة “مي تو” (أنا أيضا) التي تندد بأشكال التحرش الجنسي.
وكانت لجنة التحقيق في العنف الجنسي في القطاع الثقافي،
المنبثقة من الجمعية الوطنية الفرنسية (إحدى غرفتي البرلمان)، دعت المهرجان
إلى العمل لتطوير العقليات.
وشاءت المصادفة الزمنية أن تقام مراسم افتتاح المهرجان بعد
ساعات قليلة من الموعد المقرر لصدور الحكم المرتقب في محاكمة النجم الفرنسي
جيرار دوبارديو في باريس بتهمة الاعتداء الجنسي أثناء تصوير فيلم.
وتشهد الدورة الحالية حضورا كبيرا لنخبة الوسط السينمائي
العالمي، بدءا من جولييت بينوش التي تتولى رئاسة لجنة التحكيم، وصولا إلى
النجمين توم كروز وروبرت دي نيرو.
دي نيرو الحائز جائزة الأوسكار مرتين، والذي لم يفز شخصيا
بأيّ جائزة في كان طوال مسيرته الفنية الممتدة أكثر من 60 عاما، يُمنح خلال
هذه الدورة سعفة ذهبية فخرية يتسلمها الثلاثاء.
وبدأ نحو 40 ألف شخص من 160 دولة حصلوا على تصاريح لحضور
المهرجان الوصول إلى الريفييرا الفرنسية والاستقرار في الفنادق الممتدة على
طول جادة لا كروازيت، فيما يغطي نحو أربعة آلاف صحافي موجودين هذا الحدث
السينمائي السنوي الأكبر من نوعه.
مكافحة العنف الجنسي ووضع حدّ للتمييز والعنف القائمين على
النوع الاجتماعي تشكّل مَحاور ستشغل المهرجان
وعلّقت فرق قصر المهرجانات الأحد الملصقات الرسمية لهذه
الدورة، ويظهر فيها الثنائي السينمائي الفرنسي جان لوي ترينتينيان وأنوك
إيميه في فيلم “آن أوم إيه أون فام”
Un homme et une femme
الفائز بالسعفة الذهبية عام 1966.
وعزف موسيقيون لحن فيلم “ميشن إمباسيبل”
Mission Impossible
(مهمة مستحيلة)، إيذانا بأحد أبرز أحداث المهرجان الذي يستمر أسبوعين، وهو
العرض الذي يقام الأربعاء للجزء الأخير من سلسلة الأفلام الشهيرة، ويتولى
الدور الرئيسي فيه النجم توم كروز.
ويعبّر مهرجان كان السينمائي عن دعمه لأوكرانيا من خلال
برنامج خاص يتضمن عروضا لثلاثة أفلام وثائقية، وفق ما أوضحه المنظمون.
وأوضح هؤلاء أن “هذا البرنامج يُذكّر بالتزام مهرجان كان
السينمائي وقدرته على تناول قضايا العالم من خلال السينما.” في خضمّ تزايد
النزاعات وبروز أنظمة استبدادية.
وانطلق المهرجان بعرض لفيلم النجمة جولييت أرمانيه “بارتير
آن جور”
Partir un jour،
الذي تبدأ عروضه في دور السينما التجارية بالتزامن مع فترة المهرجان.
ويشمل برنامج الأيام التالية من المهرجان عروضا لأكثر من
مئة فيلم.
ويتنافس في مسابقة المهرجان 22 فيلما، من بينها فيلم “جون
مير”
Jeunes mères
للأخوين البلجيكيين جان بيار ولوك داردين، المتخصصين في الأفلام الاجتماعية
والساعيين إلى الفوز بالسعفة الذهبية للمرة الثالثة، و”ألفا”
Alpha
للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو التي استعانت بطاهر رحيم وغولشيفته فرحاني
وتأمل في الحصول على لقب ثان بعد نيلها الأول عن “تيتان”.
وفي المسابقة أيضا حيّز للتجديد، من خلال مخرجين يشاركون في
المهرجان للمرة الأولى، كالصيني بي غان، والأميركي آري أستر بفيلم
“إدينغتون”
Eddington،
وهو وسترن بطابع عصري، مع يواكين فينيكس وبيدرو باسكال، والفرنسية من أصل
تونسي حفصية حرزي بفيلم “لا بوتيت ديرنيير”
La Petite Derniere.
وجميع هؤلاء ثلاثينيون ويشاركون للمرة الأولى في المسابقة.
وفي موازاة العروض السينمائية، ينظم معرض ضخم في مختلف
أنحاء المدينة لصور لم يسبق نشرها، عن الممثل الفرنسي الكبير آلان دولون
الحائز السعفة الذهبية عام 2019 والذي توفي في أغسطس الماضي، والنساء
اللواتي كنّ إلى جانبه طوال مسيرته الفنية. |